يتميز إقليم طاطا برصيد أثري غنييقف شاهدا على تاريخه الحضاري العريق ، ويحكي للزائر عن تجارب وآفاق الإنسانبالمنطقة، ومن أبرز تلك المآثر التاريخية ما يلي: أ- مواقع آثار ما قبل التاريخ : تم التعرف على عدد مهم من المواقع الأثرية التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ علىطول وادي درعة. تحتوي هذه المواقع كميات مهمة من الأدوات الحجرية التي صنعها إنسانما قبل التاريخ من الصلصال. وقد استخدمت لأغراض مختلفة مرتبطة بأحجامها وأشكالهاالمتنوعة، وهي شبيهة بالأدوات الحجرية الأخرى الموجودة في مواقع ما قبل التاريخبالمغرب. هذه الأدوات عبارة عن أحجار مصقولة استعملت للقطع كالسكاكين أو للصيدكرؤوس الرماح والسهام، إضافة إلى استعمالها كأدوات لتصليح جلود الحيوانات أو الحفروالنقش على الحجر. على الرغم من الافتقار إلى المعلومات الكافية الخاصة بصانعي هذهالأدوات ، وبتطور ظروف حياتهم وعيشهم نتيجة لقلة الدراسات المعمقة في هذا المجال ،فإن بعض الملاحظات الأولية لهذه القطع الحجرية المستصلحة أكدت على انتمائها إلىالعصر الحجري القديم الذي قد يصل تاريخه إلى أكثر من مليون سنة قبل الميلاد. ويتضحمن خلال مساحة الرقعة الجغرافية الشاسعة التي تغطيها مواقع هذا العصر على طول حوضوادي درعة ، أن إقليم طاطا لم يعرف استقرارا بشريا منذ أكثر من مليون سنة فحسب بل وعرف أيضا تواجدا مكثفا للعنصر البشري على نطاق واسع. وإن دل هذا على شيء ، فإنمايدل على توفر ظروف عيش جد ملائمة آنذاك بالمنطقة سمحت للإنسان الحصول على حاجياتهالكافية من الماء والغذاء في بيئة مطيرة ومعشوشبة. ولعل ما يؤكد هذا الطرح الرسومالمنقوشة على الصخر بعدد مهم من المواقع على طول جبل باني وجوانب نهر درعة. من بينهذه الرسوم حيوانات متنوعة كالفيلة ،الزرافات، الأيل، الثور، وحيد القرن، الغزال،الضبي ، النعام... وهي توحي بما كان يزخر به الإقليم من المياه والغابات في فترة ماقبل التاريخ. تعد هذه الرسوم أو النقوش الصخرية إضافة إلى الأدوات الحجرية إحدى أهممعالم الموروث الثقافي التي يزخر بها الإقليم. ومن أهم المواقع التي تحتضن عددامهما من الصخور المنقوشة نذكر على سبيل المثال لا الحصر: المواقع المحيطة بجماعاتتكزميرت ، أديس)تيكان(،أم الكردان قرب مركز الإقليم ، المواقع المجاورة لجماعات تمنارت ،سيدي عبد الله بن مبارك ، تيزونين ، أيت ، ابلي ، بلديتي أقا وفم الحصن التابعةلدائرة أقا إضافة إلى مواقع جماعتي تسينت وألكوم بدائرة فم زكيد. وإذا كان الموضوعالأساسي البارز على الصخور المنقوشة يصور لنا الحيوانات، فإنطريقة تصوير هذهالأخيرة تختلف من موقع إلى آخر. فأحجامها قد تكون صغيرة أو كبيرة مزينة بالخطوطوالنقط أو مصقولة. و هناك نقوش أخرى تصور مشاهد للصيد نرى فيها شخصا أو مجموعة منالرجال في مطاردة لحيوان أو قطيع من الحيوانات. و هي مشاهد مهمة بالنظر إلى تعبيرهاعن طرق ممارسة الصيد، إحدى الأنشطة البارزة التي طبعت حياة إنسان العصر الحجريالحديث (7000 إلى 2000 سنة قبل الميلاد). في حين أن بعض النقوش الأخرى تكتسي أهميةخاصة لكونها تمثل أحرفا من الكتابة الأمازيغية القديمة المعروفة باسم تيفناغ . وبابتكاره لهذه الطريقة الجديدة في التواصل يكون إنسان المنطقة قد خرج بذلك من عصورما قبل التاريخ إلى الفترة التاريخية.